فصل: ملوك غسان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء **


  الفصل الرابع

  ملوك العرب قبل الإسلام

وأما ما يتعلق بقبائل العرب وأنسابهم فإنا نذكره عند ذكر كرامة العرب في الفصل الخامس المشتمل على ذكر الأمم إن شاء الله تعالى من كتاب ابن سعيد المغربي‏.‏

ملوك اليمن إن بعد تبلبل الألسن وتفرق بني نوح أول من نزل اليمن قحطان بن عابر ابن شالح المقدم الذكر وقحطان المذكور أول من ملك أرض اليمن ولبس التاج‏.‏

ثم مات قحطان وملك بعده ابنه يعرب بن قحطان وهو أول من نطق بالعربية على ما ذكر‏.‏

ثم ملك بعده ابنه يشحب بن يعرب‏.‏

ثم ملك بعده ابنه عبد شمس بن يشحب ولما ملك أكثر الغزو في أقطار البلاد فسمي سبا وهو الذي بنى السد بأرض مأرب وفجر إليه سبعين نهراً وساق إليه السيول من أمد بعيد وهو الذي بنى مدينة مأرب وعرفت بمدينة سبا وقيل أن مأرب لقب للملك الذي يلي اليمن وخلف سبأ المذكور عدة أولاد منهم‏:‏ حمير وعمرو وكهلان وأشعر وغيرهم على ما سنذكره في الفصل الخامس عند ذكر أمة العرب‏.‏

ولما مات سبأ ملك اليمن بعده ابنه حمير بن سبا ولما ملك أخرج ثمود من اليمن إلى الحجاز‏.‏

ثم ملك بعده ابنه واثل بن حمير‏.‏

ثم ملك بعده ابنه السكسك بن واثل‏.‏

ثم ملك بعده يعفر بن السكسك‏.‏

ثم وثب على ملك اليمن ذورياش وهو عامر بن باران بن عوف بن حمير‏.‏

ثم نهض من بني واثل النعمان بن يعفر بن السكسك بن واثل بن حمير واجتمع عليه الناس وطرد عامر بن باران عن الملك واستقل النعمان المذكور بملك يمن ولقب نعمان المذكور بالمعافر لقوله‏:‏ إِذا أنت عافرت الأمور بقدرة بلغت معالي الأقدمين المقاول والمقاول‏:‏ لفظة جمع وهم الذين يلون الجهات الكبار من اليمن‏.‏

ثم ملك بعده ابنه أشمح بن نعمان المعافر المذكور‏.‏

ثم ملك بعده شداد بن عاد بن ألماطاط بن سبا واجتمع له الملك وغزا البلاد إلى أن بلغ ثم ملك بعده أخوه لقمان بن عاد ثم ملك بعده أخوه ذو سدد بن عاد ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ذي سدد ويقال له الحارث الرائش وقيل إن حارث الرائش المذكور هو ابن قيس بن صيفي بن سبأ الأصغر وهو تبع الأول‏.‏

ثم ملك بعده ابنه ذو القرنين الصعب بن الرائش وقد نقل ابن سعيد أن ابن عباس سئل عن ذي القرنين الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز فقال‏:‏ هو من حمير وهو الصعب المذكور فيكون ذو القرنين المذكور في الكتاب العزيز هو الصعب بن الرائش المذكور لا الإسكندر الرومي‏.‏

ثم ملك بعده ابنه ذو المنار أبرهه بن ذي القرنين‏.‏

ثم ملك بعده ابنه أفريقس بن أبرهه ثم ملك بعده أخوه ذو الأذعار عمرو بن ذي المنار‏.‏

ثم ملك بعده شرحبيل بن عمرو بن غالب بن المنتاب بن زيد بن يعفر بن السكسك بن واثل بن حمير فإِن حمير كرهت ذا الأذعار فخلعت طاعته وقلدت الملك شرحبيل المذكور وجرى بين شرحبيل وذي الأذعار قتال شديد قتل فيه خلق كثير واستقل شرحبيل بالملك‏.‏

ثم ملك بعده ابنه الهدهاد بن شرحبيل ثم ملكت بعده ابنته بلقيس بنت الهدهاد وبقيت في ملك اليمن عشرين سنة وتزوجها سليمان بن داود عليهما سلام ثم ملك بعدها عمها ناشر النعم بن شرحبيل وقيل إن ناشر النعم اسمه مالك بن عمرو بن يعفر بن عمرو من ولد المنتاب ثم ملك بعده شمر يرعش بن ناشر النعم المذكور وقيل شمر بن أفريقس ابن أبرهه ذي المنار‏.‏

ثم ملك بعده ابنه أبو مالك بن شمر ثم ملك بعده عمران بن عامر الأزدي وهو عمران بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ‏.‏

وانتقل الملك حينئذ من ولد حمير بن سبأ إلى ولد أخيه كهلان بن سبأ وكان عمران المذكور كاهناً‏.‏

ثم ملك بعده أخوه مزيقيا عمرو بن عامر الأزدي وقيل له مزيقياء لأنه كان يلبس في كل يوم بدلة فإذا أراد الدخول إلى مجلسه رمى بها فمزقت لئلا يجد أحداً فيها ما يلبسه بعده‏.‏

انتهى كلام ابن سعيد المغربي‏.‏

ومن تاريخ حمزة الأصفهاني إن الذي ملك بعد أبي مالك بن شمر المذكور قبل عمران الأزدي ابنه الأقرن بن أبي مالك ثم ملك بعده ذو حبشان بن الأقرن وهو الذي أوقع بطسم وجديس‏.‏

ثم ملك بعده أخوه تبع بن الأقرن ثم ملك بعده ابنه كليكرب بن تبع ثم ملك بعده أبو كرب أسعد وهو تبع الأوسط وقتل‏.‏

ثم ملك بعده ابنه حسان بن تبع وتتبع قتلة أبيه فقتلهم عن آخرهم ثم قتله أخوه عمرو بن تبع وملك بعده وتواترت الأسقام بعمرو المذكور حتى كان لا يمضي إلى الخلاء إلا محمولاً على نعش فسمي ذا الأعواد لذلك‏.‏

ثم ملك بعده عبد كلال بن ذي الأعواد ثم ملك بعده تبع بن حسان بن كليكرب وهو تبع الأصغر‏.‏

ثم ملك بعده ابن أخيه الحارث بن عمرو وتهود الحارث المذكور ثم ملك بعده مرثد بن كلال ثم تفرق بعده ملك حمير والذي اشتهر بعده أنه ملك وكيعة بن مرتد ثم ملك أبرهة بن الصباح ثم ملك صهبان بن محرث ثم ملك عمرو بن تبع ثم ملك بعده ذو شناتر ثم ملك بعده ذو نواس وكان من لا يتهود ألقاه في أخدود مضطرم ناراً فقيل له صاحب الأخدود‏.‏

ثم ملك بعده ذوجدن وهو آخر ملوك حمير وكان مدة ملكهم على ما قيل ألفين وعشرين سنة وإنما لم نذكر مدة ما ملكه كل واحد منهم لعدم صحته ولذلك قال صاحب تواريخ الأمم‏:‏ ليس في جميع التواريخ أسقم من تاريخ ملوك حمير لم يذكر فيه من كثرة عدد سنيهم مع قلة عدد ملوكهم‏.‏

فإنهم يزعمون أن ملوكهم ستة وعشرون ملكاً ملكوا في مدة ألفين وعشرين سنة‏.‏

ثم ملك اليمن بعدهم من الحبشة أربع ومن الفرس ثمانية ثم صارت اليمن للإسلام من كتاب ابن سعيد المغربي إن الحبشة استولوا على اليمن بعد ذي جدن الحميري المذكور وكان أول من ملك اليمن من الحبشة أرباط‏.‏

ثم ملك بعده أبرهة الأشرم صاحب الفيل الذي قصد مكة‏.‏

ثم ملك بعده يكسوم‏.‏

ثم ملك بعده مسروق بن أبرهة وهو آخر من ملك اليمن من الحبشة‏.‏

ثم عاد ملك اليمن إلى حمير وملكها سيف بن ذي يزن الحميري وهو الذي ملكه كسرى أنوشروان وأرسل مع سيف المذكور أحد مقدمي الفرس واسمه وهرز بجيش من العجم فساروا إلى اليمن وطردوا الحبشة عنها وقرروا سيف بن ذي يزن في ملك اليمن ولما استقر سيف في ملك أجداده باليمن وطرد الحبشة عنها وجلس في غمدان يشرب وهو قصر كان لأجداده باليمن فامتدحته العرب بالأشعار منها ما قاله فيه أمية بن أبي الصلت ووصف تغرّب سيف بن ذي يزن وقصده قيصرا أولاً ثم كسرى في إعادة ملك آبائه إليه حتى قدم بالفرس الذي مقدمهم وهرز فقال في ذلك‏:‏ لا يقصد الناس إلا كابن ذي يزن إذخيم البحر للأعداء أحوالا وافى هرقل وقد شالت نعامته فلم يجد عنده النصر الذي سالا ثم انتحى نحو كسرى بعد عاشرة من السنين يهين النفس والمالا حتى أتى ببني الأحرار يقدمهم تخالهم فوق متن الأرض أجبالا بيض مرازبة غلب أساورة أسد ترتب في الغيضات أشبالا فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً برأس غمدان داراً منك محلالا تلك المكارم لا قعبان من لبن شيباً بماء فعادا بعد أبوالا وكان سيف بن ذي يزن المذكور قد اصطفى جماعة من الحبشان وجعلهم من خاصته فاغتالوه وقتلوه فأرسل كسرى عاملاً على اليمن واستمرت عمال كسرى على اليمن إلى أن كان آخرهم باذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم ثم صارت اليمن للإسلام وانتهى أخبار ملوك اليمن‏.‏

ملوك العرب الذين كانوا في غير اليمن وكان أول من ملك على العرب بأرض الحيرة مالك بن فهم بن غنم بن دوس ابن عدنان بن عبد الله بن وهزان بن كعب بن الحارث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد والأزد من ولد كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان كان وملكه في أيام ملوك الطوائف قبل الأكاسرة ثم ملك بعده أخوه عمرو بن فهم‏.‏

ثم ملك بعده ابن أخيه جذيمة بن مالك بن فهم وكان به برص فكنوا عنه وقالوا جذيمة الأبرش وعظم شأن جذيمة المذكور وكانت له أخت تسمى رقاش فهويت شخصاً من إياد كان جذيمة قد اصطنعه وكان يقال له عدي بن نصر بن ربيعة وهويها عدي المذكور أيضاً وكان عدي المذكور متسلماً مجلس شراب جذيمة فاتفقت معه رقاش على أن يخطبها من أخيها جذيمة حال غلبة السكر عليه ففعل ذلك وأذن له جذيمة فدخل عدي برقاش فلما أصبح جذيمة وعّلم بذلك عظم عليه فهرب عدي المذكور فقيل أنه ظفر به جذيمة وقتله وحبلت رقاش من عدي المذكور فقال لها جذيمة‏:‏ خبريني رقاش لا تكذبيني أبحر زنيت أم بهجين أم بعبد فأنت أهل لعبد أم بدون فأنت أهل لدون فقالت‏:‏ بل من خيار العرب وجاءت بولد وربته وألبسته طوقاً وسمته عمراً وتبنن به جذيمة ثم عدم الغلام وتزعم العرب أن الجن اختطفته ثم وجده شخصان يقال لهما مالك وعقيل فأحضراه إلى جذيمة ففرح به فرحاً عظيماً وكان اسم الصبي عمراً فقال جذيمة لمالك وعقيل اللذين أحضراه‏:‏ اقترحا ما شئتما‏.‏

فقالا‏:‏ منادمتك ما بقيت وبقينا‏.‏

فهما اللذان يضرب بهما المثل فيقال كندماني جذيمة‏.‏

وفي أيام جذيمة المذكور كان قد ملك الجزيرة وأعالي الفرات ومشارق الشام رجل من العمالقة يقال له عمرو بن الضرب بن حسان العمليقي وجرى بينه وبين جذيمة حروب فانتصر جذيمة عليه وقتل عمرو المذكور‏.‏

وكان لعمرو بنت تدعى الزباء واسمها نائلة فملكت بعده وبنت على الفرات مدينتين متقابلتين وأخذت في الحيلة على جذيمة وأطمعته بنفسها حتى اغتر وقدم إليها فقتلته وأخذت بثأر أبيها‏.‏

ابتداء ملك اللخميين ملوك الحيرة وهم المناذرة بنو عدي بن نصر بن ربيعة من ولد لخم بن عدي بن عمرو بن سبا‏.‏

ولما قتل جذيمة ملك بعده ابن أخته رقاش عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة وكان لجذيمة عبد يقال له قصير فاتفق معه عمرو بن عدي المذكور وجدع أنف قصير وضربه بالسياط وحضر قصير على تلك الحالة إلى الزباء على أنه مغاضب لعمرو فصدقته الزباء وأمنت إليه لما رأت من حاله وصار قصير يتجر للزباء ويأخذ المال من مولاه ويحضره إلى الزباء على أنه كسب متجرها مرّة بعد أخرى حتى أتى بقفل نحو ألف حمل من الصناديق وأقفالها من داخل وفيها رجال معتدون فلما شاهدت الزباء تلك الأحمال ارتابت منه وقالت‏:‏ ما للجمال مشيها وئيدا أجندلاً يحملن أم حديدا فلما دخلوا إِلى حصن الزباء خرجت الرجال من الصناديق وأخذوا المدينة عنوة وقتلوا الزباء وأخذ قصير بثأر مولاه جذيمة وطالت مدة ملك عمرو بن عدي المذكور‏.‏

ثم مات وملك بعده ابنه امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخمي وكان يقال لامرئ القيس المذكور البدا أي الأول‏.‏

ثم ملك بعد امرؤ القيس ابنه عمرو بن امرئ القيس وكان ملكه في أيام سابورذي الأكتاف ثم ملك بعده أوس بن قلام العمليقي ثم ملك آخر من العماليق ثم رجع الملك إلى بني عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخميين المذكورين وملك منهم امرؤ القيس من ولد عمرو بن امرئ القيس المذكور عرف هذا امرؤ القيس الثاني بالمحرق لأنه أول من عاقب بالنار ثم ملك بعده ابنه النعمان الأعور بن امرئ القيس وهو الذي بنى الخورنق والسدير وبقي في الملك ثلاثين سنة ثم تزهد وخرج من الملك في زمن بهرام جور بن يزدجرد وهو الذي ذكره عدي بن زيد في قصيدته الرائية المشهورة بقوله‏:‏

وتدبر رب الخورنق إِذ أشـ ** رف يوماً وللهدى تفكير سره

ماله وكثرة ما يمـ ** لك والبحر معرض والسدير

فارعوى قلبه وقال وما غب ** طة جى إِلى الممات بصير

ولما تزهد النعمان الأعور المذكور ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان‏.‏

وانتهى ملكه في زمن فيزوز بن يزد جرد‏.‏

ثم ملك بعده ابنه الأسود بن المنذر وهو الذي انتصر على غسان عرب الشام وأسر عدة من ملوكهم وأراد الأسود المذكور أن يعفو عنهم وكان للأسود المذكور ابن عم يقال له أبو أذينة قد قتل آل غسان له أخاً في بعض الوقائع فقال أبو أذينة في ذلك قصيدته المشهورة يغري الأسود بقتلهم منها‏:‏ ما كل يوم ينال المرء ما طلبا ولا يسوغه المقدار ما وهبا وأحزم الناس من إِنْ فرصة عرضت لم يجعل السبب الموصول منقضبا وأنصف الناس في كل المواطن من سقى المعادين بالكأس الذي شربا وليس يظلمهم من راح يضربهم بحد سيف به من قبلهم ضربا والعفو إِلا عن الأكفاء مكرمة من قال غيره الذي قد قلته كذبا قتلت عمراً وتستبقي يزيد لقد راًيت رأياً يجر الويل والحربا لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها إِنْ كنت شهماً فأتبع رأسها الذنبا هم جردوا السيف فاجعلهم له جزراً وأوقد النار فاجعلهم لها حطبا هم أهلة غسان ومجدهم عال فإِن حاولوا ملكاً فلا عجبا وعرضوا بفداء واصفين لنا خيلاً وِإبلاً تروق العجم والعربا أيحلبون دماً منّا ونحلبهم رسلاً لقد شرفونا في الورى حلبا علام تقبل منهم فدية وهم لا فضة قبلوا منا ولا ذهبا ونقلت ذلك من مجموع بخط القاضي شمس الدين بن خلكان ورأيت في تاريخ ابن الأثير خلاف ذلك فقال‏:‏ إِن الأسود قتلته غسان وانتصرت عليه غسان ثم قال ابن الأثير وقيل غير ذلك وانتهى ملك الأسود بن المنذر المذكور في زمن فيروز‏.‏

ثم ملك بعده أخوه المنذر بن المنذر بن النعمان الأعور ثم ملك بعده علقمة الذميلي وذميل بطن من لخم ثم ملك بعده امرؤ القيس بن النعمان ابن امرئ القيس المحرق وهو الذي قتل سنمار الذي بنى لامرئ القيس المذكور قصره وفيه يقول المتلمس‏:‏ جزاني أبو لخم على ذات بيننا جزاء سنمار وما كان ذا ذنب ثم ملك بعده ابنه المنذر بن امرئ القيس وكانت أم المنذر المذكور يقال لها ماء السماء واشتهر المنذر المذكور بأمه فقيل له المنذر بن ماء السماء ولقبت بماء السماء لحسنها واسمها ماوية بنت عوف بن جشم وطرد كسرى قباذ المنذر المذكور عن ملك الحيرة وملك موضعه الحارث بن عمرو بن حجر الكندي لأن قباذ كان قد دخل في دين مردك ووافقه الحارث ولم يوافقه المنذر فطرد لذلك ثم لما تمكن كسرى أنوشروان بن قباذ المذكور في الملك طرد الحارث وأعاد المنذر بن ماء السماء إِلى ملك الحيرة وقد تقدم ذكر ذلك مع ذكر أنوشروان في الفصل الثاني من هذا الكتاب‏.‏

ثم ملك بعد المنذر عمرو مضرط الحجارة وهو ابن المنذر بن ماء السماء وكان اسم أمه هند ويعرف بعمرو بن هند ولثمان سنين مضت من ملكه كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

ثم ملك بعده أخوه قابوس بن المنذر بن ماء السماء‏.‏

وقيل إِنه لم يتملك وإنما سمي ملكاً لما كان أبوه وأخوه ملكين ثم ملك بعده أخوهما المنذر بن المنذر ثم ملك بعده ابنه النعمان بن المنذر بن المنذر بن ماء السماء وكنيته أبو قابوس وهو الذي تنصر وأمه سلمى بنت وائل بن عطية الصايغ من أهل فدك وملك اثنتين وعشرين سنة وقتله كسرى برويز وبسبب مقتله كانت وقعة ذي قار بين الفرس والعرب‏.‏

ثم انتقل الملك في الحيرة بعد النعمان المذكور عن اللخميين إِلى إِياس بن قبيصة الطائي ولستة أشهر من ملك إِياس بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم ملك بعد إِياس زاذويه ابن ماهسان ثم عاد الملك إِلى اللخميين ملك بعد زاذويه المنذر بن النجمان بن المنذر بن المنذر بن ماء السماء وسمته العرب المغرور واستمر مالكاً للحيرةِ إلى أن قدم إِليه خالد بن الوليد واستولى على الحيرة وكانت المناذرة آل نصر بن ربيعة عمالاً للأكاسرة على عرب العراق مثل ما كان ملوك غسان عمالا للقياصرة على عرب الشام‏.‏

  ملوك غسان

وكانوا عمالاً للقياصرة على عرب الشام وأصل غسان من اليمن من بني الأزد ابن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبا‏.‏

تفرقوا من اليمن بسيل العرم ونزلوا على ماء بالشام يقال له غسان فنسبوا إِليه وكان قبلهم بالشام عرب يقال لهم الضجاعمهَ من سليح بفتح السين المهلة ثم لام مكسورة وياء مثناه من تحتها ثم حاء مهملة فأخرجت غسان سليحاً عن ديارهم وقتلوا ملوكهم وصاروا موضعهم‏.‏

وأول من ملك من غسان جفنة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا وكان ابتداء ملك غسان قبل الإِسلام بما يزيد على أربعمائة سنة وقيل أكثر من ذلك ولما ملك جفنة المذكور وقتل ملوك سليح دانت له قضاعة ومن بالشام من الروم‏.‏

وبنى بالشام عدة مصانع ثم هلك‏.‏

وملك بعده ابنه عمرو بن جفنة وبنى بالشام عدة ديورة منها دير حالي ودير أيوب ودير هند‏.‏

ثم ملك بعده ابنه ثعلبة بن عمرو وبنى صرح الغدير في أطراف حوران‏.‏

مما يلي البلقاء ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ثعلبة‏.‏

ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث وبنى القناطرْ واذرح والقسطل‏.‏

ثم ملك بعده ابنه الحارث بن جبلة وكان مسكنه بالبلقاء فبنى بها الحفير ومصنعه‏.‏

ثم ملك بعده ابنه المنذر الأكبر بن الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ابن عمرو بن جفنة الأول ثم هلك المنذر الأكبر المذكور وملك بعدها أخوه النعمان بن الحارث‏.‏

ثم ملك بعده أخوه جبلة بن الحارث ثم ملك بعدهم أخوهم الأيهم بن الحارث وبنى دير ضخم ودير البنوة ثم ملك أخوهم عمرو بن الحارث ثم ملك جفنة الأصغر بن المنذر الأكبر وهو الذي أحرق الحيرة وبذلك سموا ولده آل محرق‏.‏

ثم ملك بعده أخوه النعمان الأصغر بن المنذر الأكبر ثم ملك النعمان ابن عمرو بن المنذر وبنى قصر السويدا ولم يكن عمرو أبو النعمان المذكور ملكاً وفي عمرو المذكور يقول النابغة الذبياني‏:‏

عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة ** لوالده ليست بذات عقارب

ثم ملك بعد النعمان المذكور ابنه جبلة بن النعمان وهو الذي قاتل المنذر ابن ماء السماء وكان جبلة المذكور ينزل بصفين‏.‏

ثم ملك بعده النعمان بن الأيهم بن الحارث بن ثعلبة ثم ملك أخوه الحارث بن الأيهم ثم ملك بعده ابنه النعمان بن الحارث وهو الذي أصلح صهاريج الرصافهَ وكان قد خربها بعض ملوك الحيرة اللخميين‏.‏

ثم ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان ثم ملك أخوه عمرو بن النعمان ثم ملك أخوهما حجر بن النعمان ثم ملك ابنه الحارث بن حجر ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث ثم ملك ابنه الحارث بن جبلة ثم ملك ابنه النعمان بن الحارث وكنيته أبو كرب ولقبه قطام‏.‏

ثم ملك بعده الأيهم بن جبلة بن الحارث وهو صاحب تدمر وكان عامله بقال له القين بن خسر وبنى له بالبرية قصراً عظيماً ومصانع وأظن أنه قصر برقع‏.‏

ثم ملك بعده أخوه المنذر بن جبلة ثم ملك بعده أخوهما شراحيل بن جبلة ثم ملك أخوهم عمرو بن جبلة ثم ملك بعده ابن أخيه جبلة بن الحارث بن جبلة‏.‏

ثم ملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة وهو آخر ملوك غسان وهو الذي أسلم في خلافة عمر رضي اللّه عنه ثم عاد إِلى الروم وتنصر وسنذكر ذلك في خلافة عمر إِن شاء اللّه تعالى وقد اختلف في مدة ملك الغساسنة فقيل أربعمائة سنة وقيل ستمائة سنة وبين ذلك‏.‏

ملوك جرهم أما جرهم فهم صنفان جرهم الأولى‏:‏ وكانوا على عهد عاد فبادوا ودرست أخبارهم وهم من العرب البائدة‏.‏

وأما جرهم الثانية‏:‏ فهم من ولد جرهم بن قحطان‏.‏

وكان جرهم أخا يعرب بن قحطان‏.‏

فملك يعرب اليمن وملك أخوه جرهم الحجاز ثم ملك بعد جرهم ابنه عبد يا ليل بن جرهم ثم ابنه جرشم بن عبد يا ليل ثم ابنه عبد المدان بن جرشم ثم ابنه ثقيلة بن عبد المدان ثم ابنه عبد المسيح بن ثقيلة ثم ابنه مضاض بن عبد المسيح ثم ابنه عمرو بن مضاض ثم أخوه الحارث بن مضاض ثم ابنه عمرو بن الحارث ثم أخوه بشر بن الحارث ثم مضاض بن عمرو بن مضاض وجرهم المذكورون هم الذين اتصل بهم إِسماعيل عليه السلام وتزوج منهم‏.‏

وسنذكرهم ايضاً عند ذكر بني إِسماعيل إِن شاء اللّه تعالى‏.‏

ملوك كندة من الكامل قال‏:‏ وأول ملوك كندة حجر آكل المرار ابن عمرو وهو من ولد كندة وكان اسم كندة نورا وهو ابن عفير بن الحارث من ولد زيد بن كهلان ابن سبأ وكانت كندة قبل أن يملك حجر عليهم بغير ملك فأكل القوي الضعيف فلما ملك حجر سدد أمورهم وساسهم أحسن سياسة وانتزع من اللخميين ما كان بأيديهم من أرض بكر بن وائل وبقي حجر آكل المرار كذلك حتى مات‏.‏

وقيل له احمل المرار لكون امرأته قالت عنه‏:‏ كأنه جمل قد أكل المرار لبغضها له فغلب ذلك لقباً عليه‏.‏

ثم ملك بعد حجر المذكور ابنه عمرو بن حجر ويقال لعمرو المذكور المقصور لأنه اقتصر على ملك أبيه ثم ملك بعده ابنه الحارث بن عمرو وقوي ملك الحارث المذكور ووافق كسرى قباذ بن فيروز على الزندقة والدخول في مذهب مردك فطرد قباذ المنذر بن ماء السماء اللخمي عن ملك الحيرة وملك حارث المذكور موضعه فعظم شأن الحارث وقد تقدم ذلك في الفصل الثاني مع ذكر أنوشروان بن قباذ‏.‏

فلما ملك أنوشروان أعاد المنذر وطرد الحارث المذكور فهرب وتبعته تغلب وعدة قبائل فظفروا بأمواله وبأربعين نفساً من بني حجر آكل المرار ابنان من ولد حارث المذكور فقتلهم المنذر عن آخرهم في ديار بني مرين وفي ذلك يقول امرؤ القيس بن حجر بن الحارث المذكور‏:‏ فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبناء الملوك مصفدينا ملوك من بني حجر بن عمرو يساقون العشية يقتلونا فلو في يوم معركة أصيبوا ولكن في ديار بني مرينا ولم تغسل جماجمهم بغسل ولكن في الدماء مزملينا تظل الطير عاكفة عليهم وتنتزع الحواجب والعيونا وهرب الحارث إِلى ديار كلب وبقي بها حتى عُدِمَ واختلِف في صورة عدمه‏.‏

وكان الحارث المذكور قد ملك ابنه حجر بن الحارث على بني أسد ابن خزيمة ن مدركة وملك أيضاً باقي فملك ابنه شراحيل بن الحارث على بكر بن وائل وملك ابنه معدي كرب بن الحارث وكان يلقب غلفاً لتغليفه رأسه بالطيب على قيس غيلان وملك ابنه سلمة على تغلب والنمر‏.‏

أما حجر المذكور وهو أبو امرئ القيس الشاعر فبقي أمره متماسكاً في بني أسد مدة ثم تنكروا عليه فقاتلهم وقهرهم وبالغ في نكايتهم ودخلوا تحت طاعته ثم هجموا عليه بغتة وقتلوه غيلة‏.‏

وفي ذلك يقول ابنه امرؤ القيس بن حجر المذكور أبياتاً منها‏.‏

بنو أسد قتلوا ربهم ألا كل شيء سواه خلل وكان امرؤ القيس لما سمع بمقتل أبيه بموضع يقال له دمون من أرض اليمن فقال في ذلك‏:‏ تطاول الليل على دمون دمون أنا معشر يمانون ثم استنجد امرؤ القيس ببكر وتغلب على بني أسد فأنجدوه وهربت بنو أسد منهم وتبعهم فلم يظفر بهم ثم تخاذلت عنه بكر وتغلب وتطلبه المنذر بن ماء السماء فتفرقت جموع امرئ القيس خوفاً من المنذر وخاف امرؤ القيس من المنذر وصار يدخل على قبائل العرب وينتقل من أناس إِلى أناس حتى قصد السموءل بن عادياء اليهودي فأكرمه وأنزله وأقام امرؤ القيس عند السموءل ما شاء اللهُ ثم سار امرؤ القيس إِلى قيصر ملك الروم مستنجداً به وأودع أدراعه عند السموءل بن عادياء المذكور ومرّ على حماة وشيزر وقال في مسيرة سمالك شوق بعد ما كان أقصرا ومنها‏:‏ تقطع أسباب اللبابة والهوى عشية جاوزنا حماة وشيزرا بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه والحق أنا لاحقان بقيصرا فقلت له لا تبك عينيك إِنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا وكان بامرئ القيس قرحة قد طالت به وفي ذلك يقول أبياته التي منها‏:‏ وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة لعل منايانا تحولن أبؤسا فمات امرؤ القيس بعد عوده من عند قيصر في بلاد الروم عند جبل يقال له عسيب‏.‏

ولما علم بموته هناك قال‏:‏

أجارتنا إِن الخطوب تنوب ** وإني مقيم ما أقام عسيب

وقد قيل أن ملك الروم سمه في حلة - وهو عندي من الخرافات - ولما مات امرؤ القيس سار الحارث بن أبي شمر الغساني إلى السموءل وطالبه بأدرع امرئ القيس وماله عنده وكانت الأدراع مائة وكان الحارث قد أسر ابن السموءل فلما امتنع السموءل من تسليم ذلك إِلى الحارث قال الحارث‏:‏ إِمّا أن تسلّم الأدراع وإِما قتلت ابنك فأبى السموءل أن يسلمّ الأدراع وفيت بأدرع الكندي إِني إِذا ما ذم أقوام وفيت وأوصى عادياء يوماً بأن لا تهدم يا سموءل ما بنيت وقد ذكر الأعشى هذه الحادثة فقال‏:‏ كن كالسموءل إِذ طاف الهمام به في جحفل كسواد الليل جرار فشك غير طويل ثم قال له اقتل أسيرك إِني مانع جاري انتهى الكلام في ملوك كندة‏.‏